أخبار عاجلة

الحضرة المحمدية

الحضرة المحمدية
الحضرة المحمدية

عقدتُ العزم أن أترك شئون الدنيا وأحوالها يومًا أو بضع يوم،  فقمت فى منتصف الليل والأنس والجن نيام من حولى إلا من رحم ربى،  وبعد ان استعذت من كل شيطان رجيم قمت فصليت صلاة ركعتين الاولى بفاتحة الكتاب وقرأت الصمدية 50 مرة،  والثانية بفاتحة الكتاب وآية النور50 مرة،  وبعد السلام استغفرت رب العزة 100 مرة،  وصليت على النبى 100 مرة،  ثم قلت،  اللهم ثواب ما فعلت هدية منى إلى النبى صلى الله علية وسلم ثم صليت على النبى صلى الله عليه وسلم 1000 مرة،  وبعد كل 100 مرة أقرأ دعاء الفقير إلى مولاه محمد بن عبد المجيد بن عبد الباسط ختم الله له بالحسنى وزيادة الفاتحة،  على أمل استحضار الانوار المحمدية فى قلبى: صلى اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد الكنز الخفى المطلسم،  لاهوت الجمال،  وناسوت الوصال،  طلعة الحق،  وقبلة الخلق،  وهو الاقرب إلى طريق الحق اجعلنا اللهم فى حضرة جنابة من اهل الحب والعشق والقرب والصدق.

ثم بعد أن هدأت نفسى قليلًا من كثرة الذكر والتسبيح،  توضأت مرة أخرى ولبست ثوبًا ناصع البياض،  فخرجت وخيوط الفجر بدأت تتسلل فى الطريق السالك إلى مرادى،  وأسراب الحمام فوق رأسى تسبح للرحمان، وفى قلبى سكينة لم ألفها، ووصلت باحة العشق المحمدى بعد جهاد مع النفس طويل،  وإذا بجمع غفير أتوا قبلى،  فشاهدت من بعيد أمير الشعراء أحمد شوقى وهو يقف على منبر بكسوة خضراء ووجهه مشرق بنور خفى ينشد من قصيدته: ريم على القاع بين البان والعلم مادحًا رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: سَرَت بَشائِرُ باِلهادى وَمَولِدِهِ فى الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ فى الظُلَمِ تَخَطَّفَتْ مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَتْ مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ.

ثم بدأ الراجون من النبى المصطفى محمد شفاعةً يهمهمون بنغمة منتظمة: صلوا على نبينا محمد وسلموا تسليما.. صلوا على نبينا محمد وسلموا تسليما.

يحتضن الشاعر المخضرم « حسان بن ثابت « الشاعر أحمد شوقى ويعطيه سبحة زرقاء ثم يقف على المنبر الأخضر منشدًا عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَينى وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ. خُلِقتَ مبرأ مِن كُلِّ عَيبٍ كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ.

ثم بدأ الراجون من النبى المصطفى محمد شفاعةً يهمهمون بنغمة منتظمة : صلوا على نبينا محمد وسلموا تسليما.. صلوا على نبينا محمد وسلموا تسليما.

يهدأ الجمع فيصيح فيهم الشاعر الأندلسى ابن الجنان: صلّوا على من شرِّفت بوجوده أرجاء مكة زمزمًا وحطيما،  صلوا على هادٍ أرانا هديه نهجًا من الدين الحنيف قويما،  صلوا على هذا النبى فإنه من لم يزل بالمؤمنين رحيما.

ليبدأ الراجون من النبى المصطفى محمد شفاعةً يهمهمون بنغمة منتظمة : صلوا على نبينا محمد وسلموا تسليما.. صلوا على نبينا محمد وسلموا تسليما.

أرى أمام بوابة الحضرة المحمدية الناقد الأدبى الكبير مصطفى بيومى يقرأ فى بشاشة من كتابه « النبى محمد فى الأدب المصري» قائلًا : فى رواية « بين القصرين « لكاتبنا الكبير نجيب محفوظ يبدو أحمد عبد الجواد ممثلًا للاعتدال العاقل. فعند اندلاع ثورة 1919،  يخاطب أمه قائلًا: «لو كان سيدنا محمد حيًا ما رضى أن يحكمه الإنجليز». ولأن الأم لا تستطيع أن تنكر رفض الرسول للاحتلال،  ولا تقوى على تحمل نتائج الموافقة،  فإنها تتخلص من المأزق بقولها: «هذا حق،  ولكن أين نحن من الرسول عليه الصلاة والسلام؟. كان الله يعينه بملائكته». فبينما يستدعى الابن الرسول الذى تبجّله الأم لإقناعها بضرورة مقاومة الاحتلال،  تعترض الأم على المقاومة لأننا لسنا كالرسول.

ينظر الناقد الكبير مصطفى بيومى لوقع اكتشافاته النقدية على الحضور فيجد الكل منصت فى أهتمام فواصل القراءة : فى مسرحيته « اللحظة الحرجة « يقول الكاتب الكبير يوسف أدريس : يتشبث الحاج نصار بالنبى فى دعائه إلى الله بقوله: «حجيت وزرت قبر رسولك مرتين... وما تقفشى جنبى يا رب؟ طب أقف جنب مسعد،  احميه يا رب،  احميه لجل خاطر نبينا احميه».

أما كاتبنا الكبير « يحيى حقى « فى قصة «صح النوم» يستعيد يُتم الرسول ويقول سائق العربة للمرأة الهاربة بعد عودتها مترملة: «وهل هناك أغلى من ثلاثة أيتام؟ إن نبينا نشأ يتيمًا. ولا أعرف كتابًا سماويًا مثل كتابنا تحدث عن الأيتام وحض على الرفق بهم».

لا تمثل مسيحية جميل عطية إبراهيم عائقًا أمام اتساع عالمه الروائى المتميز لموقع يحتله الرسول.. هكذا بدأ يحدث الناقد الأدبى الكبير مصطفى بيومى المتحلقون حوله ومعظمهم من الشباب قائلًا : فى رواية «1952» الجزء الأول هناك كرامة سرحان السقا وهو طالب متفوق فى قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب،  ومولع بالشاعر والناقد الكبير ت.ى. إليوت وقصيدته الشهيرة «الأرض اليباب»،  وهو واحد ممن شاركوا فى إشعال حريق القاهرة فى 26 يناير 1952 وأسهموا فى عمليات السلب والنهب. يسأله الماركسى عباس أبو حميدة عن دوافعه وأسبابه،  فتأتى إجابته الحماسية متكئة على حديث نبوى لا علاقة له بما يحدث: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه،  فإن لم يستطع فبقلبه». وإذ يوبخه عباس: «وحرق الناس أحياء كرامة!»،  يقول الفتى متشبثًا: «أرض خراب ونحن الرجال الجوف بالقش حشيت رؤوسنا». هنا تداخل دال بين الحديث النبوى الشريف وقصيدة «إليوت» وتجسيد فنى يمزج بين الظاهر والباطن،  وبين الدوافع الشكلية المعلنة والدوافع الموضوعية الكامنة. ثورة الغاضبين والجائعين ليست محاولة لتغيير المنكر أو مقاومة الفساد،  بل هى تعبير عن البؤس واليأس.

مع انتصاف ساعات النهار ودخول الليل،  وجدت لى موطأ قدم فى طابور الراجين شفاعته وبدأت أتمايل فى نشوة مرددة بهمهة ونغمة منتظمة : صلوا على نبينا محمد وسلموا تسليما.. صلوا على نبينا محمد وسلموا تسليما.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق عشرات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى لأدأء طقوسهم التلمودية
التالى عاجل.. تنسيق الشهادات الأجنبية.. اليوم آخر موعد لتسجيل الرغبات بعد مد فترة قبول الأوراق