«وجوه الفيوم» تلك القطع الفنية التي شغلت العالم لقرون، بالمزج المصري الروماني الذي تطور من الرسم على الجدران والكهوف إلى الألواح الخشبية، تعد اللبنة الأولى لـ«أول بورتريهات» قد يكون عرفها الفن، وتعتمد على رسم وجوه الموتى وهي تُشع نضارة داخل التابوت، واعتاد الكثير من فناني العالم على محاكاتها، لكن في مسقط رأس اكتشافها، حرص واحد من أبناء «الفيوم» على إعادتها إلى الحياة من جديد، لكن هذه المرة بالتشكيل على الخزف، فيأتيها السياح للاحتفاظ بها في منازلهم.
6 أشهر كاملة قضاها الخزاف الفنان إبراهيم سمير ابن قرية تونس بمحافظة الفيوم، يتدرّب ويرسم «وجوه الفيوم» على الورق، استعدادًا لبدء حفرها ورسمها على الأواني الفخار والخزف التي يصنعها بمهارة وإتقان عاليين، لتكون سببًا كبيرًا في شهرته داخل مصر، لتجذب إليه الأنظار على مدار 17 عامًا منذ أول مرة قام بتنفيذها فيها.
وجوه الفيوم على الخزف
البداية كانت قبل نحو 13 عامًا، حينما طلب مسئولو محافظة الفيوم وهيئة تنشيط السياحة من «إبراهيم» رسم «وجوه الفيوم» أو حفرها على الفخار، بهدف إهدائها لوزارة السياحة، فظل عاكفًا على التدريب لمدة 6 أشهر قبل أن يبدأ التنفيذ، حتى خرج في أبهى صورة وكأنّها حقيقية.
26 عامًا في حب الخزف
ويحكي «إبراهيم»، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أنّ وجوه الفيوم على الخزف أصبح خط إنتاج منفصلًا، إلى جانب باقى أعماله في صناعة الفخار، إذ يقدم على شرائها الكثيرون داخل مصر، بعدما نالت شهرة واسعة، فيرسمها على أطباق خزف للزينة، تُعلّق على الحائط، مُشيرً إلى أنّه قضى 26 عامًا في حب وصناعة الخزف حتى الآن.
من اللهو بالطين لفنان عالمي
وعن بدايته، ذكر أنّه كان يحب اللعب بالطين في طفولته، ويحوله على شكل حيوانات، حتى أصبح حبًا وإحساسًا بالحرية في ممارسة تصنيع الطين، والتحق بمدرسة الخزافة للسويسرية الراحلة إيفيلين بوري في قرية تونس السياحية، ضمن أول الأجيال التي تتلمذت على يديها، ثم أصبح المساعد لها في إدارة المدرسة والإشراف على تدريب الأجيال الجديدة، وكان همزة الوصل بينها وبين طلابها، وهو الأمر الذي تسبّب في تأخيره عن افتتاح ورشته الخاصة به، ولكنه كان يحرص على تنمية الحرفة وتعليمها لأجيال جديدة.
يصدر للعديد من الدول
وكشف أنّ الخزف الذى يصنعه نال شهرة عالمية واسعة، إذ إنّه يصدّر أعماله إلى الكثير من الدول الأوروبية والعربية.
فن الخزف حب وليس تجارة
وعبّر «إبراهيم» عن سعادته بعرض قطع خزفية من صُنع يديه فى متاحف بفرنسا، وكذلك متحف فيكتوريا آند ألبرت بإنجلترا، مُبيّنًا أنّ فن الخزف بالنسبة له هو حب وليس تجارة، إذ إنّه في الكثير من الأحيان يصنع قطعًا فخارية حبًا بها فقط، ولا يعرضها للبيع.
الخزف يشهر تونس عالميًا
وبيّن أنّ الخزف كان له فضل كبير في تحويل قرية تونس من مغمورة فقيرة نائية إلى قرية سياحية عالمية، أصبحت تحتضن عشرات الفنادق، منها فنادق مرتفعة التصنيف عالميًا، كما أنّها تضم أكثر من 250 ورشة ومعرضًا للخزف، ولا تزال أجيال جديدة تتعلم وتتخرّج وتفتتح ورشاً جديدة خاصة بها.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.