حملت محطات الفحم في تركيا ضغوطًا متزايدة لمواكبة النمو الاقتصادي السريع، وارتفاع الطلب على الكهرباء، كما تفاقمت هذه الضغوط بسبب انخفاض الطاقة الكهرومائية الناجم عن الجفاف.
وفي الوقت الذي ما يزال فيه الفحم عنصرًا رئيسًا في مزيج الكهرباء التركي، تواجه العديد من محطات الفحم المقترحة والعاملة في البلاد معارضة شديدة من المجتمعات المحلية، مدفوعة بمخاوف بشأن العواقب البيئية والصحية.
وتمتلك البلاد 4.8 غيغاواط من قدرة محطات الفحم في تركيا قيد التطوير، وضعتها في المرتبة العاشرة عالميًا ضمن أكثر الدول تطويرًا لمشروعات التوليد بالفحم، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وفي 2023، أصبحت تركيا ثاني أكبر مستهلك للفحم لتوليد الكهرباء في أوروبا، بعد ألمانيا، بمقدار 118 تيراواط/ساعة من الكهرباء المنتجة من الفحم، تزامنًا مع وصول إنتاجها من الفحم إلى 66.4 مليون طن.
ويُعزى ذلك إلى نمو محطات الفحم في تركيا العاملة، إذ شكّلت أكثر من ثلث إنتاج الكهرباء في البلاد، خلال العام الماضي.
معارضة محطات الفحم في تركيا
غالبًا ما تؤدي معارضة المجتمع لمحطات الفحم في تركيا إلى اتخاذ إجراءات قانونية، كما حدث في الدعاوى القضائية المتزامنة ضد مشروعات مثل محطة كيرازلدير (Kirazlıdere) لتوليد الكهرباء.
وقد منعت قرارات المحاكم العديد من محطات الفحم المقترحة، بما في ذلك مشروعا ألبو (Alpu) وإيلجين (Ilgın)، ما أدى إلى إلغاء 73.8 غيغاواط من قدرة الفحم في تركيا منذ 2014، بحسب التقرير السنوي لشركة الأبحاث "غلوبال إنرجي مونيتور".
ومن بين 4 من قائمة محطات الفحم في تركيا المقترحة في مرحلة ما قبل الإنشاء، لم تحرز سوى محطة واحدة تقدمًا، خلال النصف الأول من 2024.
وما يزال يخضع مشروع "أفشين ألبستان إيه" (Afsin-Elbistan A)، وهو جزء من محطة الكهرباء الكبيرة مدينة كهرمان مرعش، لعملية تقييم الأثر البيئي.
ويحث السكان المحليون، الذين عانوا طويلًا التلوث الناجم عن هذه المحطة، وزارة البيئة والتحضر وتغير المناخ التركية على رفض المشروع.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أيّد في البداية إزالة الأشجار في غابة أكبيلين، لإفساح المجال للتوسع في تعدين الفحم، ولكن جرى التراجع عن ذلك في مارس/آذار 2024.
وعلى الرغم من ذلك، يستمر تطوير محطات الفحم في تركيا، مدفوعة بالحاجة إلى زيادة الاستقلالية في مجال الطاقة في أعقاب زلزال 2023، الذي دمر البنية التحتية، وفقًا لما دعا إليه الرئيس أردوغان في فبراير/شباط 2024.
حجم توليد الكهرباء بالفحم في تركيا
قفز حجم الكهرباء المنتجة من الفحم في تركيا، على مدار العقد الماضي، من 64 تيراواط/ساعة إلى 118 تيراواط/ساعة، إذ زادت القدرة المركبة بنسبة 65%.
وبين عامي 2015 و2023، ازداد اعتماد تركيا على الفحم المستورد لتوليد الكهرباء، مقارنة بالفحم المحلي، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ومن المتوقع أن ترتفع القدرة المركبة لمحطات الكهرباء العاملة بالفحم في تركيا إلى أكثر من 24 غيغاواط بحلول 2035، مقارنة مع الإجمالي الحالي البالغ 22 غيغاواط.
وحسبما ذكر التقرير السنوي لـ"غلوبال إنرجي مونيتور"، تبلغ قدرة محطات الفحم في تركيا تحت الإنشاء 145 ميغاواط، مقابل 4.61 غيغاواط في مراحل ما قبل البناء، موزعة كما يلي: 1 غيغاواط مشروعات معلنة، و2.92 غيغاواط حصلت على تصاريح، و688 غيغاواط لم تحصل بعد على تصاريح، وفقًا لما أشار إليه موقع "كاربون بريف".
مواصلة الاعتماد على الفحم
على الرغم من توافر بدائل أكثر فاعلية من حيث التكلفة وخفض الانبعاثات، ما تزال البلاد تعتمد بصورة كبيرة على الفحم البني بصفته مصدرًا أساسيًا لتوليد الكهرباء.
ومن المرجح أن يستمر هذا الاعتماد، كما هو موضح في خطة الطاقة الوطنية للبلاد لعام 2022، التي تتوقع زيادة بمقدار 3.2 غيغاواط في قدرة توليد الفحم من 2025 إلى 2035.
وفي تصريحات حديثة، أكد وزير الطاقة والموارد الطبيعية في تركيا، ألب أرسلان بيرقدار، ضرورة تعزيز إنتاج الكهرباء من الفحم لضمان استدامة عمل محطات الكهرباء، مشيرًا إلى أهمية الاستفادة الكاملة من موارد تركيا المحلية لتلبية احتياجاتها.
ووفقًا لقاعدة بيانات هيئة تنظيم سوق الطاقة في تركيا، التي اطّلعت عيها وحدة أبحاث الطاقة، توجد حاليًا 51 محطة كهرباء تعمل بالفحم في تركيا، من بينها 13 محطة تعتمد على الفحم المستورد، و33 محطة تستعمل الفحم البني، و4 محطات تستعمل الفحم الصلب المحلي، ومحطة واحدة تستعمل الفحم القاري (الأسفلتي).
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
