تتزايد التساؤلات حول سبب تخويف الله لعباده بالخسوف، خصوصًا مع حدوث ظاهرة خسوف القمر، مثلما سنشهد اليوم الخسوف، كظاهرة طبيعية، يحمل دلالات روحية وعلمية، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9)" (سورة القيامة)، وكذلك في سورة التكوير: "إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2)".
لماذا يخوف الله عباده بالخسوف؟
حسب مركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي وعلوم الفضاء، فإن خسوف القمر وكسوف الشمس لهما أسباب فلكية معروفة، ولكن تخويف الله لعباده بهما يرتبط بنظام الكون المحكم، المسلم يؤمن بأن هذا النظام قد يتغير في يوم من الأيام، حيث يُذكر في القرآن الكريم في عدة آيات، منها:
سورة القيامة: "فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9)"، حيث تُشير هذه الآيات إلى أحداث يوم القيامة.
سورة التكوير: "إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2)"، مما يدل على التغيرات الكونية التي تحدث.
وقد روى أبو بكرة: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكسفت الشمس، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى دخل المسجد، فصلى بنا ركعتين حتى جفت الشمس، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد، فإذا رأيتم ذلك فادعُوا حتى ينكسف".
كما روى المغيرة بن شعبة: "إن الشمس كسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، فقال الناس: إنما كسفت لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم الكسوف فصلوا وادعوا الله".
حكم صلاة الخسوف
صلاة الخسوف سنة مؤكدة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم. جاء في الحديث الصحيح عن السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث قال النبي: «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا»، فأمر بالصلاة لهما أمرًا واحدًا، وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه صلى بأهل البصرة في خسوف القمر ركعتين، وقال: "إنما صليت لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي"، ولأنه أحد الكسوفين، فأشبه كسوف الشمس، ويُسَنّ فعلها جماعة وفرادى.
كيفية أداء صلاة الكسوف والخسوف
صلاة الكسوف أو الخسوف تتكون من ركعتين، وتشتمل كل ركعة على قيامين، وقراءتين، ورُكوعين، وسجدتين. وفيما يلي تفاصيل كيفية أدائها:
1. تكبيرة الإحرام: يبدأ المصلّي بتكبيرة الإحرام.
2. دعاء الاستفتاح: يُستحب أن يستفتح بدعاء الاستفتاح.
3. الاستعاذة والبسملة: يتعوذ بالله ويبسمل.
4. القراءة:
- يقرأ الفاتحة، ثم سورة البقرة أو ما يعادلها في الطول.
5. الركوع:
- يركع ركوعًا طويلًا، ويسبح في ركوعه بما يقرب من مائة آية.
6. الاعتدال:
- يرفع من ركوعه، ويسبح ويحمد في اعتداله.
7. القراءة الثانية:
- يقرأ الفاتحة ثم سورة أخرى (مثل آل عمران) دون القراءة الأولى.
8. الركوع الثاني:
- يركع مرة أخرى، ويطيل الركوع لكنه أقل طولًا من الركوع الأول.
9. الاعتدال والسجدتين:
- يرفع من الركوع، ويسبح ويحمد، ثم يسجد سجدتين طويلتين دون إطالة الجلوس بين السجدتين.
10. الركعة الثانية:
- يقوم إلى الركعة الثانية، ويكرر ما فعله في الركعة الأولى، لكن مع تقليل الطول في كل فعل.
11. التشهد والتسليم:
- يتشهد ويسلم.
يُجهر بالقراءة في صلاة خسوف القمر لأنها صلاة ليلية، بينما في كسوف الشمس، لا يجهر بالقراءة لأنها صلاة نهارية.
أهمية صلاة الخسوف
تعتبر صلاة الخسوف فرصة للمسلمين للتقرب إلى الله، وتذكر عظمة خلقه. كما أنها تذكير بالموازين الإلهية والاعتراف بعظمة الكون، مما يعزز الإيمان ويقرب القلوب إلى الله.
وورد عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كسفت الشمس، فصلى بالناس، فقام، فقام قياماً طويلاً، ثم ركع طويلاً، ثم قام مرة أخرى، فقام قياماً طويلاً، ولكن هذه المرة كان قيامه أقصر من قيامه الأول، ثم ركع مرة أخرى، فطول السجود، وفعل في الركعة الثانية كما فعل في الأولى، ثم قضى صلاته، وقد انجلت الشمس، وخطب، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ""إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم الكسوف فاذكروا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا""." فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أمة محمد، والله ما أحد أغير من الله، حرم على عباده الزنا، ذكرا كان أو أنثى، يا أمة محمد، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا.
تابع أحدث الأخبار عبر
